في خطوة تؤكد عمق الشراكة الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن. وافقت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مؤخراً على صفقة مبيعات عسكرية محتملة للمملكة العربية السعودية بقيمة إجمالية تصل إلى مليار دولار أمريكي.
هذه الصفقة، التي تركز على الدعم اللوجستي والتدريب لأسطول المروحيات السعودي. تتجاوز كونها مجرد عملية بيع وشراء. بذلك تمثل استثماراً حيوياً في الجاهزية التشغيلية للقوات المسلحة السعودية، وتأكيداً على دور المملكة كركيزة للاستقرار الإقليمي.
فما هي تفاصيل هذه الصفقة المقسمة، وكيف ستسهم في رفع كفاءة أسطول المروحيات السعودي. وما هي الأبعاد الاستراتيجية التي تحملها في سياق التعاون الدفاعي المستمر؟
تفاصيل صفقة المروحيات الأمريكية :
كشفت وكالة التعاون الأمني الدفاعي (DSCA) التابعة للبنتاغون أن الصفقة البالغة مليار دولار. تنقسم إلى شقين متساويين، يهدف كل منهما إلى تعزيز جانب حيوي من القدرات الدفاعية السعودية.
الشق الأول: ترتيب دعم الإمداد اللوجستي التعاوني (500 مليون دولار)
يتمثل هذا الجزء في برنامج ترتيب دعم الإمداد اللوجستي التعاوني (CLSSA). وهو إطار عمل يتيح للمملكة تقديم طلبات شراء لقطع الغيار وقطع الإصلاح المُدارة مركزيًا من الولايات المتحدة.
في الحقيقة الهدف الأساسي من هذا الشق هو ضمان استدامة وجاهزية الأسطول الجوي السعودي.
تشمل صفقة المروحيات الأمريكية الدعم اللوجستي لمجموعة واسعة من المروحيات التي يشغلها سلاح طيران القوات البرية الملكية السعودية (RSLFAC)، وهي:
- مروحيات بلاك هوك (UH-60A/L/M Black Hawk): مروحيات النقل والمهمات المتعددة.
- مروحيات أباتشي (AH-64A/D/E Apache): مروحيات الهجوم الرئيسية.
- مروحيات شينوك (CH-47F Chinook): مروحيات النقل الثقيل.
- مروحيات شفايتزر 333 (Schweizer 333) ومروحيات الكشافة الجوية (Aerial Scout helicopters).
هذا الدعم يضمن أن تبقى هذه المروحيات في حالة تشغيلية مثالية. مما يعزز قدرة القوات السعودية على تنفيذ مهامها بكفاءة عالية 1.
الشق الثاني: برنامج التدريب الشامل (500 مليون دولار)
يركز هذا الجزء على الاستثمار في العنصر البشري. حيث يغطي خدمات تدريب طيران شاملة (من المبتدئ إلى المتقدم) بالإضافة إلى تدريب فنيي الصيانة لأفراد سلاح طيران القوات البرية الملكية السعودية.
الاستثمار في الكفاءة البشرية هو مفتاح التشغيل الناجح للأنظمة المعقدة.
سيتم إجراء التدريب بواسطة مدربين من الجيش الأمريكي في مواقع تدريب داخل الولايات المتحدة. ويشمل التدريب العملي على المروحيات التالية:
| نوع المروحية | الدور الرئيسي |
| AH-64E Apache | مروحية هجومية متقدمة |
| CH-47F Chinook | مروحية نقل ثقيل |
| UH-60L/M Black Hawk | مروحية نقل ومهمات متعددة |
| UH-72A Lakota | مروحية دعم ومهمات خفيفة |
يهدف هذا التدريب إلى تزويد الطيارين والفنيين السعوديين بالمهارات اللازمة للتشغيل الآمن والاحترافي لأسطولهم. مما يرفع من مستوى الجاهزية القتالية والتشغيلية للقوات 2.
الأبعاد الاستراتيجية لصفقة المروحيات الأمريكية: تعزيز الشراكة والأمن الإقليمي
تأتي صفقة المروحيات الأمريكية في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية في المنطقة، وتؤكد على عدة نقاط استراتيجية مهمة:
1. تعزيز التكامل مع التحالفات
أشارت وكالة DSCA صراحة إلى أن الصفقة ستسمح “باندماج أفضل مع التحالفات التي تقودها الولايات المتحدة”. هذا التكامل اللوجستي والتدريبي يعني أن القوات السعودية ستكون قادرة على العمل بشكل أكثر سلاسة وفعالية. إلى جانب القوات الأمريكية وقوات الحلفاء في أي عمليات مشتركة مستقبلية.
2. استمرارية الشراكة الدفاعية
على الرغم من التغيرات السياسية، فإن موافقة البنتاغون على هذه الصفقة تؤكد على استمرارية الالتزام الأمريكي تجاه أمن المملكة العربية السعودية كحليف رئيسي. هذا النوع من الصفقات، الذي يركز على الدعم والصيانة والتدريب بدلاً من مجرد بيع منصات جديدة. ممّا يعكس شراكة دفاعية عميقة وطويلة الأمد تهدف إلى بناء قدرات ذاتية مستدامة.
3. دعم رؤية المملكة 2030
تتماشى هذه الصفقة مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى توطين الصناعات العسكرية ورفع كفاءة القوات المسلحة. فمن خلال التدريب المتقدم والدعم اللوجستي المستمر، حيث يتم بناء كوادر وطنية قادرة على إدارة وصيانة وتشغيل أحدث التقنيات العسكرية الأمريكية. ممّا يقلل الاعتماد على الخبرات الأجنبية على المدى الطويل.
صفقة المروحيات الأمريكية استثمار في الجاهزية المستقبلية
إن موافقة البنتاغون على صفقة الدعم والتدريب للمروحيات السعودية بقيمة مليار دولار هي خطوة عملية نحو تأمين الجاهزية التشغيلية لواحد من أهم أساطيل المروحيات في المنطقة. الصفقة ليست مجرد معاملة مالية. بل هي استثمار استراتيجي في قدرة المملكة على حماية مصالحها والمساهمة بفعالية في الأمن الإقليمي. من خلال شقيها اللوجستي والتدريبي، تضمن الصفقة أن يظل أسطول المروحيات السعودي قوياً. وأن يكون الطيارون والفنيون السعوديون على أعلى مستوى من الكفاءة، مما يعزز مكانة المملكة كقوة إقليمية فاعلة وموثوقة.