تصدر اسم الشيخ عبد المحسن العبيكان محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية مؤخراً. وذلك بعد إعلان وفاته. لم يكن الفقيد مجرد شخصية عابرة، بل كان علماً من أعلام القضاء والفتوى، وترك وراءه إرثاً من العلم والعمل، بالإضافة إلى عائلة لها ثقلها في المشهد الوطني.
هذا المقال يقدم نظرة معمقة على حياة الشيخ عبد المحسن العبيكان، مسيرته العلمية والمهنية، والإرث الذي خلفه، مع التركيز على أهمية دوره في المجتمع السعودي.
السيرة الذاتية: عبد المحسن العبيكان (1372 هـ – 1953 م)
عبد المحسن بن ناصر بن عبد الرحمن آل عبيكان هو عالم دين وقاضٍ سعودي بارز. ولد في مدينة الطائف عام 1372 هـ الموافق 1953 م. تنتمي عائلته إلى آل عمران من قبيلة عنزة، وهي من الأسر العريقة في الرياض.
المسيرة التعليمية والمهنية:
بدأ الشيخ العبيكان مسيرته التعليمية في الطائف، حيث درس المراحل الابتدائية والمتوسطة، ثم التحق بدار التوحيد. ومن أبرز محطاته التعليمية والمهنية:
•التعليم العالي: درس في المعهد العالي للقضاء، وهي مؤسسة تعليمية مرموقة تُعنى بتخريج القضاة والعلماء.
•العمل القضائي: بدأ حياته العملية في سلك القضاء، حيث عُين قاضياً في عدة محاكم.
•التفتيش والاستشارة: في عام 1413 هـ، عين مفتشاً قضائياً بوزارة العدل، ثم أصبح مستشاراً في الوزارة عام 1426 هـ.
•الإمامة والخطابة: عرف عنه شغفه بالدعوة والإرشاد، حيث عين إماماً وخطيباً وهو لا يزال في المرحلة الجامعية.
الإرث العلمي والمواقف الفقهية: فتاوى أثارت الجدل وأضاءت الطريق
لم تقتصر مسيرة الشيخ العبيكان على المناصب الرسمية، بل كان له حضور قوي في الساحة الفقهية والدعوية. تميزت فتاواه بالجرأة والاجتهاد، ما جعله شخصية محورية في النقاشات الدينية المعاصرة.
من أبرز ما ميز الشيخ العبيكان هو منهجه في الاجتهاد الفقهي، حيث كان يرى أن قصر الفتوى على كبار العلماء فقط ليس له أصل في الكتاب والسنة، مشدداً على أهمية الاجتهاد لمن يمتلك الأدوات العلمية لذلك. كما عُرف بمواقفه الواضحة في قضايا السحر والشعوذة، حيث كان له دور في مكافحتها وتوعية المجتمع بخطورتها.
العبيكان: عائلة في قلب المشهد السعودي
الاهتمام الواسع بوفاة الشيخ عبد المحسن العبيكان لم يكن فقط بسبب مكانته العلمية، بل أيضاً بسبب ارتباط عائلته بشخصيات وطنية رفيعة المستوى، مما يؤكد على مكانة هذه العائلة في النسيج الاجتماعي والسياسي للمملكة.
•العميد تركي العبيكان: الفقيد هو والد العميد تركي العبيكان، قائد قوة الحرس الخاص بالحرس الملكي والحارس الشخصي للملك سلمان بن عبد العزيز.
•المهندس سلطان العبيكان: وهو عم المهندس سلطان العبيكان، المشرف العام على مكتب الأمير بندر بن سلطان والسكرتير الخاص له.
هذه الروابط العائلية تبرز الدور الذي تلعبه عائلة العبيكان في خدمة الوطن على مختلف الأصعدة، من القضاء والفتوى إلى الأمن والعمل السياسي.
وداع الشعب السعودي للعالِم والقاضي
رحل الشيخ عبد المحسن العبيكان بعد مسيرة حافلة بالعطاء، تاركاً خلفه فراغاً في الساحة العلمية والقضائية. وقد سيوارى جثمانه الثرى في مقبرة عرقة بالرياض، بعد الصلاة عليه في جامع الملك خالد. إن التفاعل الواسع مع خبر وفاته يعكس مدى الاحترام والتقدير الذي كان يكنه له السعوديون، ليس فقط كعالم دين، بل كجزء أصيل من تاريخهم المعاصر.