في كل عام، لا يقتصر الاحتفال باليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة على استذكار تاريخ التأسيس فحسب. بل يمتد ليصبح وقفة تأمل في مسيرة استثنائية من الإنجازات التي وضعت الدولة في صدارة المشهد العالمي. فمنذ تأسيسها، تبنت الإمارات رؤية طموحة لم تكتفِ فيها بالريادة الإقليمية، بل سعت بثبات نحو المراكز الأولى عالمياً.
هذا العام، تتجسد هذه الرؤية في أرقام مذهلة: فقد حصدت الإمارات المركز الأول عالمياً في 223 مؤشراً للتنافسية خلال عام 2024، متفوقة على أدائها في العام السابق . هذا الإنجاز ليس مجرد رقم، بل هو دليل على استراتيجية حكومية متكاملة تركز على استشراف المستقبل والاستثمار في الإنسان والبنية التحتية.
فكيف تمكنت دولة الإمارات من تحقيق هذه القفزة النوعية، وما هي أبرز القطاعات التي رسخت فيها مكانتها كقوة عالمية؟
1. ريادة الأعمال: أرض الفرص العالمية
تُعد ريادة الأعمال أحد أبرز المجالات التي أثبتت فيها الإمارات تفوقها المطلق. ففي تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال (GEM) لعام 2024/2025، حلت دولة الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً للعام الرابع على التوالي.
هذا التتويج يعكس بيئة أعمال جاذبة ومحفزة، حيث تتبنى الحكومة سياسات داعمة للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ممّا توفر بنية تحتية رقمية ومالية متطورة. إن سهولة تأسيس الأعمال، ومرونة التشريعات، وتوافر التمويل، كلها عوامل جعلت من الإمارات وجهة مفضلة لرواد الأعمال والمبتكرين من جميع أنحاء العالم.
2. استشراف المستقبل: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي
في سباق التكنولوجيا العالمية، في الحقيقة لم تكتفِ الإمارات بالمشاركة، بل أصبحت لاعباً رئيسياً. وقد رسخت الدولة مكانتها كمركز إقليمي وعالمي في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وهو ما يتضح في المؤشرات التالية:
•جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي: تصدرت الإمارات المنطقة في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي الصادر عن مؤسسة “أوكسفورد إنسايتس” لعام 2024.
•الاستثمار في الابتكار: أطلقت الإمارات استراتيجيات وطنية طموحة للذكاء الاصطناعي، واستثمرت مبالغ ضخمة في هذا القطاع، مما جعلها ضمن أكبر 10 دول عالمياً من حيث عدد شركات الذكاء الاصطناعي لكل مليون نسمة.
هذا التركيز على التقنيات المتقدمة يهدف إلى بناء اقتصاد معرفي مستدام، وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية، وتحسين جودة الخدمات الحكومية والحياة بشكل عام.
3. التنافسية الاقتصادية والبنية التحتية
تُعد البنية التحتية المتطورة والسياسات الاقتصادية المرنة من الركائز الأساسية التي ساهمت في إنجازات الإمارات التنافسية. وقد جاءت الإمارات ضمن أفضل 5 دول عالمياً في 444 مؤشراً للتنافسية.
أبرز مجالات التفوق في التنافسية العالمية:
| المجال | الإنجاز العالمي | المصدر |
| ريادة الأعمال | المركز الأول عالمياً للعام الرابع على التوالي | تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال (GEM) |
| الطيران المدني | المركز الأول عالمياً في عدد من مؤشرات التنافسية | تقارير التنافسية العالمية 2024 |
| البنية التحتية | مراتب متقدمة عالمياً في جودة الطرق والموانئ والمطارات | تقارير التنافسية العالمية 2024 |
| الاستقطاب | المركز الثالث عالمياً في استقطاب المواهب والكفاءات | تقارير التنافسية العالمية 2024 |
هذه النتائج تؤكد أن الإمارات لم تعد مجرد مركز تجاري، بل أصبحت نموذجاً عالمياً في بناء اقتصاد متنوع ومرن قادر على الصمود أمام التحديات العالمية.
4. القوة الناعمة: ريادة العمل الإنساني
إلى جانب الإنجازات الاقتصادية والتكنولوجية، رسخت الإمارات مكانتها كقوة عالمية في مجال العمل الإنساني. فقد حافظت الدولة على موقعها بين أكبر المانحين للمساعدات الإنسانية على مستوى العالم. حيث بلغت قيمة مساعداتها الخارجية 1.46 مليار دولار.
هذا الدور الإنساني يعكس القيم الأصيلة التي تأسست عليها الدولة، ويؤكد على التزامها تجاه القضايا العالمية، مما يعزز من مكانتها وقوتها الناعمة على الساحة الدولية.
الخلاصة: رؤية لا تعرف المستحيل
إن الإنجازات التي تحتفل بها الإمارات في عيدها الوطني ليست وليدة الصدفة، بل هي نتاج رؤية قيادية استشرافية آمنت بأن المستحيل ليس إماراتياً. هذه الرؤية هي التي حولت التحديات إلى فرص، والصحراء إلى مركز عالمي للابتكار والازدهار.
في الوقت الذي تتطلع فيه الدولة إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، فإن هذه المراكز الأولى عالمياً تمثل نقطة انطلاق لمزيد من التقدم، وتؤكد أن مسيرة التنمية في الإمارات هي مسيرة مستمرة لا تتوقف، وأن المستقبل هو حيث تصنعه الإمارات.