الحرب بين إيران وأميركا: عامان من التصعيد والردع المتبادل

شهدت العلاقات الإيرانية–الأميركية خلال عامي 2023 و2024 تصعيدًا غير مسبوق، أعاد شبح الحرب الشاملة إلى الواجهة. بين تهديدات متبادلة، وعمليات استخباراتية، وضربات محدودة، تشكّلت معادلة جديدة في الشرق الأوسط، عنوانها: “ردع بلا حرب… وتصعيد بلا انفجار شامل”.

ما قبل الانفجار

مع بداية 2023، كانت المفاوضات النووية في حالة جمود، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، وتوسيع إيران لبرنامجها النووي. في المقابل، كثّفت إسرائيل عملياتها السرية داخل إيران، واستهدفت علماء ومنشآت حساسة، ما دفع طهران إلى تعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية.

عام 2023: عام الاغتيالات والضربات الرمزية

  • مارس 2023: اغتيال ضابط بالحرس الثوري في دمشق، نُسب للموساد.
  • مايو: هجوم سيبراني على منشأة نطنز، عطّل أجهزة الطرد المركزي.
  • يوليو: إيران ترد عبر ميليشياتها في العراق وسوريا، مستهدفة قواعد أميركية.
  • أكتوبر: واشنطن تعلن تعزيز وجودها البحري في الخليج، وتنشر حاملة طائرات في بحر العرب.

رغم التوتر، حافظ الطرفان على “خطوط حمراء” غير معلنة، منعت الانزلاق إلى مواجهة مباشرة.

عام 2024: من الردع إلى حافة الحرب

  • يناير 2024: إيران تُعلن تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، ما يُقربها من العتبة النووية.
  • مارس: إسرائيل تنفّذ غارة جوية على منشأة أصفهان، بموافقة أميركية ضمنية.
  • أبريل: طهران ترد بهجوم صاروخي على قاعدة أميركية في دير الزور، يُسفر عن مقتل 3 جنود.
  • يونيو: إدارة بايدن تُحذر من “رد ساحق” إذا استُهدفت المصالح الأميركية مجددًا.

في هذه المرحلة، بدأت واشنطن وطهران بإرسال رسائل متضاربة: دعوات للحوار عبر سلطنة عمان، يقابلها تحشيد عسكري متزايد.

أدوات الحرب غير التقليدية

النفط كسلاح: إيران هدّدت مرارًا بإغلاق مضيق هرمز، ما رفع أسعار النفط عالميًا بنسبة 20% خلال 2024.

الحرب السيبرانية: الطرفان تبادلا هجمات إلكترونية استهدفت بنوكًا، محطات طاقة، ومواقع عسكرية.

الوكلاء الإقليميون: استخدمت إيران ميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان، بينما دعمت واشنطن إسرائيل استخباراتيًا ولوجستيًا.

المواقف الدولية

  • روسيا: دعمت إيران سياسيًا، لكنها تجنّبت الانخراط العسكري المباشر.
  • الصين: دعت لضبط النفس، وواصلت شراء النفط الإيراني رغم العقوبات.
  • أوروبا: حاولت إحياء الاتفاق النووي، لكنها فشلت في إقناع الطرفين بالعودة للمفاوضات.

نهاية 2024: تهدئة مشروطة أم هدوء ما قبل العاصفة؟

بحلول ديسمبر 2024، تراجعت وتيرة الضربات، وبدأت محادثات غير مباشرة في مسقط. لكن الطرفين بقيا على استعداد:

  • إيران عززت دفاعاتها الجوية.
  • أميركا نشرت منظومات باتريوت إضافية في الخليج.
  • إسرائيل رفعت حالة التأهب تحسبًا لأي تطور.

عاما 2023 و2024 لم يشهدا حربًا شاملة بين إيران وأميركا، لكنهما رسّخا واقعًا جديدًا: “الردع المتبادل” أصبح هو القاعدة، و”الضربات المحدودة” هي الرسائل. ومع دخول 2025، يبقى السؤال: هل تستمر اللعبة على الحافة… أم يسقط أحدهم في الهاوية؟

شارك هذه المقالة
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *