زهران ممداني: من الهامش إلى قلب نيويورك السياسي

في مشهد سياسي أميركي يزداد استقطابًا، برز اسم زهران ممداني كأحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل والأمل في آنٍ معًا. فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك لم يكن مجرد انتصار انتخابي، بل لحظة فارقة تعكس تحوّلات عميقة في المزاج الشعبي، وتعيد رسم حدود الخطاب السياسي في واحدة من أكثر مدن العالم تأثيرًا.

نشأة وتكوين ممداني

وُلد زهران ممداني عام 1991 في كمبالا، أوغندا، لعائلة هندية مسلمة. والدته هي المخرجة العالمية ميرا ناير، ووالده المفكر البارز محمود ممداني، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة كولومبيا. انتقل إلى نيويورك في سن السابعة، حيث نشأ في أحياء كوينز متعددة الثقافات، ما شكّل وعيه السياسي والاجتماعي المبكر.

من الفن إلى السياسة

قبل دخوله المعترك السياسي، كان ممداني ناشطًا في مشهد الهيب هوب المحلي تحت اسم “Young Cardamom”، حيث استخدم الموسيقى كأداة للتعبير عن الهوية والهجرة والعدالة الاجتماعية. لاحقًا، عمل مستشارًا للإسكان في كوينز، حيث واجه عن قرب معاناة السكان من الإخلاء والتمييز، وهي التجربة التي دفعته إلى الترشح لمجلس الولاية عام 2020، وفاز بإزاحة نائب ديمقراطي مخضرم

صعوده السياسي

ينتمي ممداني إلى التيار الديمقراطي الاشتراكي، ويُعد من أبرز وجوه الجناح التقدمي داخل الحزب الديمقراطي. بنى سمعته على مواقف جريئة، منها:

دعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) ضد إسرائيل.

تقديم مشروع قانون “ليس على حسابنا” لحظر تمويل المستوطنات عبر جمعيات أميركية.

تنظيم إفطار رمضاني عام لدعم فلسطين، والمشاركة في إضراب عن الطعام أمام البيت الأبيض للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة

حملة العمدة: مفاجأة مدوية

في يونيو 2025، فاز ممداني بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك، متفوقًا على الحاكم السابق أندرو كومو. حصد 44٪ من الأصوات، بدعم واسع من الشباب والطبقة العاملة، وبفضل حملة رقمية ذكية ركّزت على العدالة الاقتصادية، تجميد الإيجارات، والمواصلات المجانية

ردود الفعل والانقسام

فوزه أثار ردود فعل متباينة:

  • ترامب وصفه بـ”المجنون الشيوعي” وهاجم مظهره وصوته.
  • بيرني ساندرز وأوكاسيو كورتيز دعماه بقوة، معتبرين فوزه انتصارًا للجيل الجديد.
  • داخل الحزب الديمقراطي، انقسمت الآراء بين من يراه رمزًا للتجديد، ومن يخشى أن يُنفر المعتدلين.

ما الذي يمثّله ممداني؟

زهران ممداني ليس مجرد مرشح تقدمي، بل تجسيد لتحوّل ثقافي وسياسي في أميركا:

  • شاب مسلم، مهاجر، من أصول جنوب آسيوية، يتحدث بلغة الشارع والجامعة معًا.
  • لا يخشى الاصطدام بالمؤسسة، ولا يُخفي مواقفه من فلسطين، الضرائب، أو الشرطة.
  • يراهن على أن العدالة الاجتماعية ليست شعارًا، بل برنامج حكم.

في زمن تتقلّص فيه المساحات الرمادية، يقدّم ممداني نموذجًا سياسيًا جديدًا: جريء، صادق، ومثير للجدل. فهل يكون عمدة نيويورك القادم؟ أم أن المؤسسة ستُغلق الأبواب أمامه كما فُتحت فجأة؟

شارك هذه المقالة
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *