كشفت الحكمة الإيطالية-الفرنسية مانويلا نيكولوسي عن تعرضها لتهديدات بالقتل خلال مسيرتها. مؤكدة أن مظهرها كان عائقاً في بيئة كروية يهيمن عليها الذكور. حيث طلب منها أن تكون “أقل ظهوراً” لأنها “تجذب الانتباه”.
في شهادة صادمة تهز أركان اللعبة الأكثر شعبية في العالم، كشفت مانويلا نيكولوسي، إحدى أبرز الحكمات المساعدات في كرة القدم الأوروبية. عن الوجه القبيح للتعصب والتحيز الجنسي الذي يواجه المرأة في هذا المجال. لم يقتصر الأمر على الانتقادات المهنية المعتادة. بل تجاوزها إلى تهديدات بالقتل ووابل من الإساءات الشخصية التي استهدفت مظهرها، مؤكدة أن “كرة القدم متحيزة جنسياً” وأن هذا التحيز يتجذر في ثقافة اللعبة.
التهديد بالقتل: ثمن الظهور في الميدان
تحدثت نيكولوسي بمرارة عن الهجمات الشرسة التي تعرضت لها عبر الإنترنت. والتي تحولت من مجرد تعليقات سلبية إلى تهديدات صريحة بإنهاء حياتها.
“تلقيت تهديدات بالقتل لمجرد أنهم لم يعجبهم مظهري أو تسريحة شعري أو طريقة وقوفي في الملعب”.
تقول نيكولوسي. هذه التهديدات، التي كان من المفترض أن تكون موجهة إلى شخصيات عامة في أسوأ الأحوال. أصبحت جزءاً من روتينها اليومي، مما يسلط الضوء على البيئة السامة التي تحيط بالتحكيم النسائي.
إن التركيز على “المظهر” بدلاً من الأداء المهني هو جوهر المشكلة. فبينما يسمح للحكام الرجال بالظهور بأي شكل كان، وتُركز الانتقادات على قراراتهم داخل الملعب. بالتالي تجد النساء أنفسهن تحت مجهر قاسٍ يفتش في أدق تفاصيل هيئتهن. هذا التمييز لا يهدف إلى تقييم الكفاءة، بل إلى تقويض السلطة المهنية للمرأة في مجال يهيمن عليه الذكور تقليدياً.
كرة القدم متحيزة جنسياً
لم تتردد نيكولوسي في توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى “ثقافة كرة القدم” نفسها، واصفة إياها بأنها “متحيزة جنسياً”. هذا التصريح ليس مجرد انفعال، بل هو خلاصة تجربة طويلة في الملاعب، حيث تتجلى مظاهر التحيز في عدة جوانب:
1.المعايير المزدوجة للانتقاد: في الحقيقة ينظر إلى أخطاء الحكمات على أنها دليل على عدم كفاءة المرأة بشكل عام في التحكيم. بينما تعتبر أخطاء الحكام الرجال جزءاً طبيعياً من اللعبة.
2.التهميش الإعلامي: غالباً ما يتم تجاهل الإنجازات المهنية للحكمات. ويتم التركيز بدلاً من ذلك على قصص شخصية أو تفاصيل غير مهنية.
3.بيئة العمل العدائية: تتعرض النساء في الملاعب، سواء كن حكمات أو مدربات أو إداريات. لتعليقات مسيئة من الجماهير واللاعبين، وهي تعليقات نادراً ما يتم التعامل معها بالجدية اللازمة.
تؤكد نيكولوسي أن هذا التحيز لا يقتصر على الجماهير الغاضبة، مما يتسرب إلى هياكل اللعبة نفسها، من الأندية إلى الاتحادات، مما يخلق سقفاً زجاجياً يحد من تقدم المرأة في المناصب القيادية والتحكيمية العليا.
مانويلا تطالب بالتغيير
تختتم مانويلا نيكولوسي شهادتها بدعوة قوية للمجتمع الكروي بأكمله:
“يجب أن نتوقف عن السماح لهذا النوع من الكراهية بالانتشار.
يجب أن تكون كرة القدم مكاناً للجميع، بغض النظر عن الجنس أو المظهر”.
إن قضية نيكولوسي ليست حالة فردية، بل هي انعكاس لأزمة أوسع تتطلب تدخلاً عاجلاً:
•تشديد العقوبات: فرض عقوبات صارمة على الأفراد والأندية التي تتسامح مع التهديدات والإساءات عبر الإنترنت أو في الملاعب.
•التوعية والتعليم: إطلاق حملات توعية واسعة النطاق لمكافحة التحيز الجنسي في كرة القدم، بدءاً من الأكاديميات وصولاً إلى قاعات المؤتمرات.
•دعم الحكمات: توفير دعم نفسي وقانوني للحكمات اللواتي يتعرضن للاستهداف، وضمان بيئة عمل آمنة لهن.
إن قصة مانويلا نيكولوسي هي جرس إنذار. فإما أن تتخذ كرة القدم خطوات حاسمة لمواجهة التعصب والتحيز الجنسي. أو تخاطر بفقدان أصوات نسائية موهوبة لا تستحق أن تدفع ثمن مظهرها أو جنسها لتمارس شغفها.
من هي مانويلا نيكولوسي
تعد نيكولوسي، الإيطالية الأصل، واحدة من الوجوه النسائية القليلة التي شقت طريقها بنجاح في مجال التحكيم على أعلى المستويات. بدأت مسيرتها في التحكيم المحلي قبل أن تحصل على الشارة الدولية، وتُصبح حكمة مساعدة في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا). بلغت ذروة مسيرتها عندما اختيرت ضمن الطاقم التحكيمي الذي أدار نهائي كأس العالم للسيدات 2019. بالإضافة إلى مشاركتها في نهائيات دوري أبطال أوروبا للسيدات. هذه الإنجازات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج سنوات من العمل الجاد والاحترافية العالية. مما يجعل شهادتها حول التحيز الجنسي أكثر وزناً وتأثيراً.