إيناس محمد
لطالما روجت الصين لسفيرها اللطيف –الباندا– وقدمت أزواجاً منه لرؤساء دول عظمى في محاولة لتغيير الصورة المتداولة عنها –التنين– ووسم علاقاتها بلمسة -لطيفة.
إلا أن ما يحدث مؤخراً على المستويين الاقتصادي والسياسي يوحي بلهب تنين صيني يحاول حرق المراحل وتوسيع طريق الصين في الشرق الأوسط.
سياسة الصين تحاول دخول غزة..
تقرير لصحيفة The Jerusalem Post، كشف أنّ الصين وجدت “الباب الخلفي” وحصلت على موطئ قدم في قطاع غزة من خلال صفقات إعادة الإعمار التي تُقدَّر بنحو 70 مليار دولار، في وقت تتنافس فيه دول مثل الولايات المتحدة وقطر وتركيا على إدارة القطاع.
الصحيفة أوضحت أن الصفقة تمت عبر مناقصة لمكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS) لتوريد منازل متنقلة، حيث فازت شركة صينية بعرض أقل 50-60% من منافسيها.
هذه الصفقة التي تمنح الصين موقعا غير مسبوق، تجمع بين مساري السياسة الصينية. فهي تمثل في مضمونها جانبا لطيفا -الباندا- وهو إيواء المهجرين ريثما يكتمل إعمار منازلهم.
وتضمن للصين مكانا في ساحة الصراع الأهم في الشرق الأوسط -لهب التنين-
موقف إسرائيل في هذا الملف شديد الحساسية..
فإسرائيل تدرك أن أي دور اقتصادي صيني واسع في غزة قد يمنح بكين نفوذاً سياسياً وأمنيّاً داخل الحيّز الفلسطيني. وربما يؤثر في علاقة إسرائيل بالشركاء الغربيين.
كذلك، قد تواجه حركة إعادة الإعمار بطءًا واضحًا بفعل انعدام الأمان في البحر الأحمر وطرق الإمداد المتأثرة، ما يقلّص سرعة تنفيذ المشاريع.
وكذلك، هناك تخوف من استعار الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة. إذ إن واشنطن تحاول احتواء النفوذ الصيني من خلال تحالفات إقليمية واقتصادية. ودخول الصين لغزة يبدو خطوة متقدمة لبكين.
من غزة إلى دمشق الصين تحاول ضمان مصالحها..
في مجلس الأمن برز دور الصين المتحفظ بما يخص الطلب الأميركي لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا. وعلى أعضاء في القيادة السورية
وواصلت الإشارة إلى دور المقاتلين الأجانب في سوريا، والتشديد على ضرورة بذل جهود إضافية لمكافحة الإرهاب من جانب السلطات السورية..
ويشهد سجل بكين في منع إدراج شخصيات أو جماعات ضمن قوائم العقوبات الأممية سابقاً بأن الصين تراعي مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية قبل اعتماد مواقف أحادية.
في المحصلة يبدو أن سياسة الصين في الشرق الأوسط تدمج بين لطف الباندا ولهب التنين
بينما تستمر الولايات المتحدة في محاولة إبطاء التمدّد الصيني. بينما تستعد إسرائيل لحقبة تُرى فيها الصين شريكاً اقتصادياً وربّما سياسياً في غزة، مع كل ما يحمله ذلك من تغييرات في ميزان القوة والنفوذ.