نشأة المجلس وأهدافه
في الخامس والعشرين من مايو عام 1981، تأسس مجلس التعاون لدول الخليج العربية وسط تحديات سياسية وأمنية واقتصادية، ليكون صرحًا يعكس إرادة القادة في توحيد الجهود لتحقيق الاستقرار وتعزيز التكامل بين دول المنطقة. انطلقت أول قمة خليجية في أبوظبي، معلنة ميلاد المجلس، الذي جاء نتاجًا لوعي القادة بالروابط العميقة التي تجمع دول الخليج، من عقيدة إسلامية مشتركة، أنظمة متشابهة، ومصير واحد.
الإنجازات الاقتصادية والتجارية
شهدت المسيرة الخليجية خطوات تاريخية في المجال الاقتصادي، أبرزها إنشاء السوق الخليجية المشتركة، التي ساهمت في انسياب السلع وزيادة التنافس لصالح المستهلك. كما أُطلقت منطقة التجارة الحرة عام 1983، والتي ألغت الرسوم الجمركية على المنتجات الخليجية، لتحل محلها لاحقًا الاتحاد الجمركي عام 2003. وتشير الأرقام إلى نجاح هذه الخطوات، حيث بلغت التجارة البينية بين دول المجلس أكثر من 131 مليار دولار في 2023، بينما تجاوزت التجارة الخارجية 1.5 تريليون دولار، مما يعكس فرصًا واعدة لمزيد من التكامل
الدور الاقتصادي العالمي لمجلس التعاون
يتمتع المجلس بنفوذ اقتصادي كبير بفضل موارده النفطية، حيث تتحكم دوله في ثلث الاحتياطي العالمي من النفط، وتتصدر إنتاجه وتصديره. كما تحتل مركزًا متقدمًا في سوق الغاز الطبيعي، مما يعزز دورها في استقرار الأسواق العالمية. وعلى الصعيد الاستثماري، تمتلك دول المجلس صناديق ثروة سيادية تبلغ أصولها 4.4 تريليونات دولار، أي 34% من أكبر 100 صندوق عالمي، مما يعكس تأثيرها في الاقتصاد الدولي
التعاون الأمني والدفاعي
حظي الجانب الأمني باهتمام بالغ منذ التأسيس، حيث أقر المجلس الاستراتيجية الأمنية الشاملة واتفاقية الدفاع المشترك، كما شكّل قوات درع الجزيرة لتعزيز الأمن الجماعي. وقد أثبت هذا التعاون فاعليته في مواجهة التحديات الإقليمية، مما عزز مكانة المجلس كركيزة أساسية للاستقرار في المنطقة
التكامل الاجتماعي والتكنولوجي
من أبرز المشاريع الاستراتيجية التي عززت التكامل بين دول المجلس الربط الكهربائي الخليجي، الذي ساهم في خفض التكاليف وضمان استقرار إمدادات الطاقة. كما أُطلقت البطاقة الذكية الموحدة لتسهيل تنقل المواطنين بين الدول الأعضاء، مما عزز الاندماج الاجتماعي والاقتصادي. تمضي دول المجلس قدمًا نحو تعزيز التحول إلى اقتصاد المعرفة والطاقة النظيفة، وتوسيع الشراكات الدولية لتعزيز التنمية المستدامة
يمثل مجلس التعاون الخليجي نموذجًا فريدًا للتعاون الإقليمي، يجمع بين الأصالة والطموح، ويواصل مسيرته بقيادة حكيمة ووعي جماعي، لتحقيق المزيد من الرخاء لأبنائه والمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل مستدام. ومع استمرار التحديات الإقليمية والدولية، يبقى المجلس ركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وصوتًا للحكمة والاتزان في المنطقة والعالم.