في ليلة كروية استثنائية، نجح منتخب المغرب للشباب في تحقيق إنجاز تاريخي بفوزه بلقب كأس العالم تحت 20 عامًا بعد تغلبه على منتخب الأرجنتين بهدفين دون مقابل في المباراة النهائية التي أُقيمت في ملعب خوليو مارتينيز برادانوس بالعاصمة التشيلية سانتياغو.
وبهذا التتويج، أصبح المغرب أول منتخب عربي وإفريقي يرفع كأس العالم في فئة أقل من 20 سنة منذ انطلاق البطولة عام 1977.
الانتصار الذي تحقق مساء الأحد 19 أكتوبر 2025 لم يكن مجرد فوز رياضي، بل لحظة تاريخية أعادت تشكيل خريطة كرة القدم العالمية، وأكدت أن الحلم العربي بات حقيقة فوق المستطيل الأخضر.

كيف وصل منتخب المغرب إلى نهائي كأس العالم تحت 20 عامًا؟
بدأت رحلة “أشبال الأطلس” بثقة كبيرة منذ دور المجموعات، حيث تصدر المنتخب المغربي مجموعته متفوقًا على إسبانيا والبرازيل وكوريا الجنوبية.
في الأدوار الإقصائية، واصل الأداء المذهل بإقصاء الولايات المتحدة في ربع النهائي، قبل أن ينتصر على فرنسا في نصف النهائي بركلات الترجيح بعد مباراة مثيرة انتهت بالتعادل الإيجابي 1-1.
تلك الانتصارات المتتالية أثبتت أن المنتخب المغربي لا يعتمد على الحظ، بل على مشروع كروي متكامل يقوم على تكوين اللاعبين في الأكاديميات المحلية، خصوصًا أكاديمية محمد السادس لكرة القدم التي أفرزت أبرز المواهب المشاركة في البطولة.
وقال المدير الفني للمغرب عقب اللقاء النهائي:
“هذا التتويج ثمرة عمل بدأ منذ سنوات، هدفنا لم يكن فقط الفوز بالبطولة، بل بناء جيل يرفع راية إفريقيا في المستقبل”.
ملخص مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم تحت 20 سنة”
منذ صافرة البداية، دخل المغرب المباراة بروح البطل لا التلميذ.
وفي الدقيقة 12، جاء الهدف الأول من ركلة حرة نفذها ياسير زابيري ببراعة أسكتت الجماهير الأرجنتينية.
وقبل نهاية الشوط الأول، أضاف اللاعب أمين الوزاني الهدف الثاني بعد تمريرة ساحرة من الجناح الأيسر إلياس بلقروي، ليحكم المنتخب المغربي قبضته على اللقاء.
رغم محاولات الأرجنتين للعودة، ظل الدفاع المغربي صلبًا بقيادة القائد سامي البقالي وحارس المرمى أنس بن عياد الذي تصدى لفرص خطيرة وحافظ على نظافة شباكه حتى نهاية المباراة.
صحيفة ماركا الإسبانية وصفت أداء المغرب بأنه “درس في التنظيم والهدوء والواقعية”،
فيما قالت رويترز إن “المنتخب المغربي فرض أسلوبه الفني بذكاء وتفوّق بدني واضح على بطل العالم ست مرات”.

ردود الفعل بعد فوز المغرب بكأس العالم للشباب
انهالت التهاني على المنتخب المغربي من مختلف أنحاء العالم العربي والإفريقي.
الملك محمد السادس بعث ببرقية تهنئة إلى اللاعبين والجهاز الفني، مؤكدًا أن “هذا الفوز يمثل مصدر فخر لكل مغربي ولكل عربي يؤمن بأن الطموح لا يعرف المستحيل”.
من جانبها، أشاد الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) بالإنجاز غير المسبوق، معتبرة أن “المغرب غيّر وجه كرة القدم الإفريقية”.
أما صحيفة الغارديان البريطانية فكتبت: “المغرب أرسل رسالة واضحة: إفريقيا ليست فقط قارة موهوبة، بل قادرة على التتويج في المحافل الكبرى”.
في المدن المغربية، خرجت الجماهير إلى الشوارع في الدار البيضاء والرباط وفاس، رافعةً الأعلام الوطنية ومرددة الأهازيج التي رافقت المنتخب منذ بداية البطولة.
ما دلالة تتويج المغرب على مستقبل الكرة العربية؟
لم يكن فوز المغرب بالكأس مجرد تتويج رياضي، بل تحول ثقافي ورياضي شامل يعكس نجاح سياسة الاستثمار في البنية التحتية والكوادر الفنية.
فمنذ إنشاء أكاديمية محمد السادس عام 2009، تبنت المملكة رؤية تقوم على “تخريج جيل من اللاعبين المثقفين قبل أن يكونوا محترفين”.
هذا المشروع الطموح أعاد رسم ملامح الكرة المغربية وألهم دولًا عربية أخرى لتطوير منظوماتها التدريبية.
ويرى خبراء أن هذا اللقب “سيضع ضغطًا إيجابيًا على الاتحاد المغربي لكرة القدم للمضي قدمًا في دعم الفئات السنية الصغرى”.
وكتب موقع BBC Sport Africa:
“ما فعله المغرب في تشيلي هو لحظة تحول في تاريخ كرة القدم الإفريقية والعربية، قد تكون بداية لعصر جديد”.
هل يكون هذا الجيل نواة منتخب المغرب الأول؟
الجيل المتوّج في تشيلي قد يشكل العمود الفقري لمنتخب المغرب الأول خلال السنوات القادمة.
فالعديد من اللاعبين يرتبطون بالفعل بأندية أوروبية كبرى، فيما يتلقى آخرون عروضًا من الدوريات الإسبانية والفرنسية.
ويتوقع محللون أن يشارك بعضهم في كأس الأمم الإفريقية المقبلة وربما كأس العالم 2026 إذا حافظوا على مستواهم الفني.
المدرب المغربي أكد أن “البطولة ليست نهاية الطريق بل بدايته”، مشددًا على ضرورة صقل التجربة بالاحتراف والاستمرارية.

المغرب يدخل التاريخ من أوسع أبوابه
برفعه كأس العالم تحت 20 عامًا، حقق المغرب إنجازًا يتجاوز حدود الرياضة، إذ أرسل رسالة إلى العالم مفادها أن الطموح، والرؤية، والعمل المنظم قادرة على صنع المعجزات.
من سانتياغو إلى الرباط، ومن مراكش إلى طنجة، أصبح الحلم العربي واقعًا… والكرة المغربية اليوم ليست فقط بطلة للعالم، بل رمزٌ لجيل جديد لا يعرف المستحيل.