تصاعد الجدل في فرنسا بعد اكتشاف دمى جنسية تشبه الأطفال وعدد من الأسلحة المحظورة معروضة للبيع على منصة “شي إن” (Shein) الشهيرة للموضة السريعة. ما دفع الحكومة الفرنسية إلى المطالبة بإجراء تحقيق أوروبي عاجل ضد الشركة الصينية.
فضيحة شي ان تتسبب بتحرك رسمي فرنسي واسع
قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في تصريحات لراديو فرانس إنفو إن شركة “شي إن” “تنتهك بوضوح القواعد الأوروبية”. داعيًا المفوضية الأوروبية إلى فتح تحقيق رسمي دون تأخير.
وأضاف: “لا يمكن للمفوضية أن تظل صامتة، المطلوب الآن هو تحرك حازم”.
وفي خطوة متوازية، قدّم وزير الداخلية لوران نونييز طلبًا قانونيًا لحظر موقع “شي إن” داخل فرنسا. معللًا ذلك بـ“الضرر الجسيم بالنظام العام” الناتج عن محتوى المنصة.
وزارة المالية الفرنسية أعلنت من جهتها أنها رصدت “كمية كبيرة من الأسلحة” من الفئة (A) — وهي الأسلحة الأعلى خطورة وفق القانون الفرنسي — معروضة للبيع من قبل بائعين خارجيين على المنصة. تشمل فؤوسًا ومناجل وسكاكين قتالية.
دمى جنسية “تشبه الأطفال”
القضية تفجّرت مطلع الأسبوع عندما كشفت السلطات عن وجود دمى جنسية تُحاكي ملامح الأطفال تُباع على منصات تجارية كبرى. بينها “شي إن”، “تيمو” (Temu)، “ويش” (Wish) و“علي إكسبريس” (AliExpress).
وأعلنت وزارة الاقتصاد الفرنسية فتح تحقيق جنائي واسع في القضية. مؤكدة أن هذه المنتجات “تنتهك القوانين الفرنسية الخاصة بحماية القُصّر وكرامتهم الإنسانية”.
الحكومة الفرنسية أعلنت مساء الأربعاء تعليق نشاط “شي إن” مؤقتًا إلى حين إثبات التزام المنصة بجميع القوانين والمعايير الوطنية.
ووفق بيان رسمي، تم إخطار المفوضية الأوروبية بالإجراءات الفرنسية، فيما ينتظر تقرير أولي خلال 48 ساعة.
وزير المالية رولان ليسكور وصف ما حدث بأنه “أمر مقزز لا يمكن وصفه”، مضيفًا أن المنصة “تعرض الشباب لمحتويات صادمة وخطيرة”.
وقال في مقابلة مع قناة LCI: “ما رأيناه من دمى وأسلحة يباع علنًا أمرٌ يخرق كل القيم الأخلاقية والقانونية”.
وفي باريس، تزامنت الفضيحة مع افتتاح أول متجر دائم لـ«شي إن» داخل متجر BHV الشهير. وهو حدث كان يفترض أن يمثل انطلاقة قوية للعلامة في السوق الفرنسية، لكنه تحوّل إلى مسرح احتجاجات رفعت فيه لافتات كُتب عليها:
“احموا الأطفال، لا لشي إن”
“عار على شي إن”
سلسلة أزمات تلاحق “فضيحة شي ان”
الفضيحة الأخيرة ليست الأولى.
فـ“شي إن” التي انطلقت من الصين وتدير مقرها الرئيسي من سنغافورة تواجه منذ سنوات اتهامات بـاستنساخ تصاميم العلامات التجارية الكبرى. واستغلال العمالة منخفضة الأجور في مصانعها، إلى جانب انتقادات بيئية حادة لطبيعة نشاطها القائم على الموضة السريعة.
السلطات الأوروبية تواجه منذ فترة ضغوطًا متزايدة لفرض رقابة موحدة على منصات التجارة الصينية التي أصبحت تنافس العلامات المحلية بأسعار متدنية، وسط مخاوف من ثغرات قانونية في الرقابة على المنتجات.
ما وراء الأزمة
يرى محللون أن الأزمة الفرنسية مع “شي إن” تتجاوز مسألة بيع منتجات مخالفة. لتتحول إلى صدام أوسع بين أوروبا ومنصات التجارة الصينية حول القيم والمعايير والمنافسة.
فبينما تبرر الشركات الصينية نشاطها بكونها مجرد “وسيط رقمي” بين البائع والمستهلك. تؤكد باريس أن المسؤولية القانونية لا تسقط عن المنصة التي تستفيد ماليًا من هذه المبيعات.
ويقول أحد خبراء التجارة الإلكترونية في باريس إن “ما يجري اختبار حقيقي لقدرة الاتحاد الأوروبي على فرض سلطته التنظيمية على الأسواق الرقمية العابرة للحدود”. من قضية “الدمى الجنسية” إلى “الأسلحة المحظورة”، تبدو “شي إن” في مواجهة أكبر تحدٍ تشريعي في أوروبا حتى الآن.
وفيما تحاول الشركة احتواء العاصفة عبر حذف المحتويات المثيرة للجدل. تؤكد فرنسا أن المساءلة يجب أن تشمل النظام بأكمله، لا مجرد بائعين أفراد.