علي خامنئي: صعوده، سلطته، وملفات الفساد

علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران منذ عام 1989، يعد أحد أكثر الشخصيات نفوذاً في الشرق الأوسط. تولى الحكم بعد وفاة روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، ومنذ ذلك الحين، عزز سلطته عبر الحرس الثوري والمؤسسات الدينية والسياسية. هذا الملف الاستقصائي يستعرض كيف وصل إلى الحكم، كيف عزز نفوذه، وما هي الملفات المثيرة للجدل المحيطة به.

بعد وفاة الخميني عام 1989، كان تعيين خامنئي مفاجئًا لكثيرين، إذ لم يكن يحمل رتبة “آية الله العظمى”، وهو شرط تقليدي للمرشد الأعلى. لكن بدعم من الحرس الثوري ومجلس الخبراء، تم تنصيبه، مما عزز العلاقة بين المؤسسة العسكرية والدينية في إيران

الحرس الثوري: أداة السلطة

لم يكن خامنئي مؤسس الحرس الثوري، لكنه جعله أداة رئيسية في حكمه. الحرس الثوري ليس مجرد قوة عسكرية، بل شبكة اقتصادية ضخمة تسيطر على قطاعات النفط، البنوك، والتجارة، مما جعله أحد أعمدة النظام الإيراني

القضاء على المنافسين

منذ توليه الحكم، استخدم خامنئي القضاء والأجهزة الأمنية لإقصاء الشخصيات الإصلاحية. أبرز الأمثلة كانت إقصاء أكبر هاشمي رفسنجاني، أحد مؤسسي الجمهورية الإسلامية، ومنع شخصيات مثل مير حسين موسوي من الوصول إلى السلطة بعد احتجاجات 2009

أهم المحطات في حكمه

1999: قمع احتجاجات الطلاب في طهران.

2009: سحق الحركة الخضراء بعد الانتخابات الرئاسية.

2015: الاتفاق النووي مع الغرب، ثم انسحاب الولايات المتحدة منه لاحقًا.

2022: احتجاجات واسعة بعد وفاة مهسا أميني، واجهها النظام بالقمع العنيف

التأثير العالمي

علي خامنئي عزز التأثير العالمي لإيران عبر دعم الحلفاء الإقليميين وتوسيع النفوذ العسكري والاقتصادي. وفقًا للمصادر، ركّز على إعادة تشكيل النظام العالمي من خلال مواجهة الغرب، وتعزيز التحالفات مع روسيا والصين، ودعم الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط

إيران تحت قيادته أصبحت قوة إقليمية مؤثرة، لكنها تواجه عزلة دولية متزايدة بسبب العقوبات والضغوط الاقتصادية. كما أن سياساته أثرت على التوازن الجيوسياسي، حيث لعبت إيران دورًا رئيسيًا في النزاعات الإقليمية، من سوريا إلى اليمن

إمبراطورية “ستاد” المالية: أين، كيف، ولماذا؟

ستاد” تدير أصولًا ضخمة داخل إيران، تشمل العقارات، الشركات، والاستثمارات النفطية. توسعت عملياتها إلى الخارج عبر شركات وهمية في دول مثل الإمارات وتركيا، مما سمح لها بالتهرب من العقوبات.

بدأت “ستاد” كجهة لإدارة الأوقاف، لكنها تحولت إلى شبكة مالية ضخمة تحت إشراف خامنئي، حيث استولت على أراضٍ، شركات، وأموال المصادرة من المواطنين والمعارضين السياسيين.

توسعت عمليات “ستاد” بشكل كبير بعد 2009، عندما استخدمها النظام لتمويل الحرس الثوري والميليشيات الإقليمية، مستغلاً العقوبات الدولية لتعزيز سيطرته الاقتصادية.

“ستاد” ليست مجرد مؤسسة اقتصادية، بل أداة سياسية يستخدمها خامنئي لتعزيز نفوذه داخليًا وخارجيًا. فسادها أدى إلى إفقار الشعب الإيراني، حيث يتم تحويل الأرباح إلى حسابات خاصة بدلًا من دعم الاقتصاد الوطني.

هل طور خامنئي إيران؟ تحليل شامل

إيران عززت نفوذها في الشرق الأوسط عبر دعم الميليشيات الإقليمية مثل حزب الله والحوثيين، لكنها لم تحقق تقدمًا اقتصاديًا ملموسًا. داخليًا، تعاني البلاد من تضخم مرتفع، بطالة، وعقوبات خانقة أثرت على التنمية والاستثمار

خامنئي ركّز على التطوير العسكري، خصوصًا في الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، مما عزز قوة الردع الإيرانية. لكنه أهمل الإصلاحات الاقتصادية، حيث تسببت العقوبات في انخفاض قيمة الريال الإيراني وارتفاع أسعار السلع الأساسية

إيران تمتلك قدرات عسكرية متقدمة، لكنها تواجه أزمة اقتصادية متفاقمة. سياساته جعلت إيران قوة إقليمية، لكنها دفعت الشعب إلى احتجاجات متكررة بسبب سوء الأوضاع المعيشية. مستقبل إيران يعتمد على إصلاحات اقتصادية حقيقية وليس فقط التوسع العسكري

خامنئي شخصية محورية في السياسة الإيرانية، لكنه أيضًا أحد أكثر القادة إثارة للجدل. نفوذه يعتمد على الحرس الثوري والمؤسسات الدينية، لكنه يواجه تحديات داخلية وخارجية متزايدة. مع تصاعد الاحتجاجات والعقوبات، يبقى السؤال: هل يستطيع النظام الإيراني الاستمرار بنفس النهج، أم أن تغييرات جوهرية ستحدث في المستقبل؟

شارك هذه المقالة
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *