في يونيو 2025، دخلت المواجهة بين إيران والولايات المتحدة مرحلة جديدة، بعد أن نفّذت واشنطن ضربات جوية على منشآت نووية إيرانية. التصعيد لم يكن مفاجئًا، بل نتيجة تراكمات بدأت منذ انهيار الاتفاق النووي، وتفاقمت مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. هذا الملف يرصد تطورات الأزمة، دوافع الطرفين، وردود الفعل الإقليمية والدولية، مع تحليل للسيناريوهات المقبلة.
خلفية التصعيد: من الجمود إلى الانفجار
منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، وإيران تمضي في توسيع برنامجها النووي. بحلول 2025، كانت منشأة فوردو تُخصّب اليورانيوم بنسبة 60٪، ما جعلها هدفًا رئيسيًا لأي ضربة استباقية. في المقابل، فشلت محاولات الوساطة الأوروبية، بينما زادت إسرائيل من عملياتها السرية داخل إيران.
الضربة الأميركية: ماذا حدث؟
في 22 يونيو، نفّذت الولايات المتحدة ضربات جوية دقيقة على منشآت فوردو، نطنز، وأصفهان، باستخدام أكثر من 125 طائرة، بينها قاذفات B-2 الشبحية
. تم استخدام قنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات، ما أدى إلى تدمير أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض
. إيران كانت قد أخلت المواقع مسبقًا، ما قلّل من الخسائر البشرية، لكنها لم تمنع الأثر السياسي والعسكري.
الرد الإيراني: تهديدات بلا تنفيذ مباشر
إيران وصفت ترامب بـ”المقامر”، وتوعّدت بـ”إنهاء الحرب” إن بدأت
. أعلنت أن الضربة وسّعت “قائمة الأهداف المشروعة”، ملمّحة إلى احتمال الرد خارج الحدود. لكن حتى الآن، لم تُنفّذ طهران ردًا عسكريًا مباشرًا، ما يُشير إلى حسابات دقيقة لتجنّب حرب شاملة.
ترامب وتغيير النظام: تحوّل في الخطاب؟
في منشور على “تروث سوشال”، قال ترامب: “إذا كان النظام الإيراني عاجزًا عن جعل إيران عظيمة مجددًا… فلماذا لا يكون هناك تغيير للنظام؟”
هذا التصريح أثار مخاوف من تحوّل الاستراتيجية الأميركية من “ردع نووي” إلى “إسقاط النظام”، رغم نفي البنتاغون وجود نية للحرب.
الأثر الاقتصادي والجيوسياسي
النفط: ارتفع خام برنت بنسبة 10٪، لكن الأسواق لم تنهَر، ما يُشير إلى أن المستثمرين لا يتوقعون إغلاقًا طويلًا لمضيق هرمز
إيران: قد تخسر 120 مليون دولار يوميًا إذا أغلقت المضيق، كون 80٪ من صادراتها تمر عبره.
المنطقة: العراق وقطر والكويت سيتضررون من أي تعطيل، ما يُضعف موقف إيران أمام حلفائها.
المواقف الدولية
روسيا: دعت لضبط النفس، لكنها لم تُدين الضربة بشكل مباشر.
الصين: واصلت شراء النفط الإيراني، لكنها حذّرت من “اللعب بالنار”.
أوروبا: عبّرت عن قلقها من التصعيد، ودعت للعودة إلى المفاوضات.
أدوات الحرب غير التقليدية
النفط كسلاح: إيران هدّدت بإغلاق هرمز، لكنها تعلم أن الكلفة عليها ستكون باهظة.
الحرب السيبرانية: الطرفان تبادلا هجمات إلكترونية، استهدفت بنوكًا ومنشآت طاقة.
الوكلاء: ميليشيات إيران في العراق وسوريا رفعت وتيرة التهديد، لكن دون تنفيذ مباشر حتى الآن.
تحليل مستقبلي
الضربة الأميركية لم تكن بداية حرب… لكنها خطوة محسوبة لإعادة رسم قواعد الاشتباك. إيران تُدرك أن الرد المباشر قد يُشعل مواجهة شاملة، بينما ترامب يُلوّح بتغيير النظام دون التورّط الكامل. المنطقة تعيش على حافة الانفجار، لكن الجميع يُدرك أن الحرب الشاملة… ليست في مصلحة أحد.