عيد الشكر (Thanksgiving) مناسبة فريدة تتجاوز حدود الاحتفال التقليدي ممّا جعله دعوة عالمية للتأمل في نعم الحياة والتعبير عن الامتنان. في عام 2025، يحل تاريخ عيد الشكر في الولايات المتحدة يوم الخميس الموافق 27 نوفمبر 2025. ورغم أن جذور هذا العيد عميقة في التاريخ الأمريكي، إلا أن جوهره المتمثل في “الامتنان” يلامس قلوب الجميع حول العالم، بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو الجغرافية.
قصة عيد الشكر
تعود قصة العيد إلى عام 1621، حيث يعتقد أن المستوطنين الإنجليز الأوائل (البيوريتانيين) في مستعمرة بليموث احتفلوا بوجبة حصاد مشتركة مع السكان الأصليين من قبيلة وامبانواغ 2. كان هذا الاحتفال بمثابة تعبير عن الشكر لله على نجاة المستوطنين من عامهم الأول الصعب ووفرة المحصول.
في الحقيقة تطور هذا التقليد ليصبح عطلة وطنية رسمية في الولايات المتحدة، حيث تم تثبيت موعده في الخميس الرابع من شهر نوفمبر بقرار من الكونغرس في عام 1941. ورغم الجدل التاريخي حول بعض جوانب القصة الأصلية، إلا أن المناسبة حافظت على رسالتها الأساسية: يوم للتوقف والتعبير عن الشكر.
تقاليد عيد الشكر: ما وراء الديك الرومي
تتميز احتفالات عيد الشكر بمجموعة من الطقوس التي ترسخت في الثقافة الأمريكية، والتي يمكن أن تكون مصدر إلهام لنا لتعزيز الروابط العائلية والاجتماعية:
1. مائدة العشاء العائلية (The Feast)
تعد وجبة العشاء هي النجم الأبرز في هذا اليوم. وتتكون المائدة التقليدية من الديك الرومي المشوي (Turkey) كطبق رئيسي، بالاضافة إلى البطاطا المهروسة، وصلصة التوت البري، وفطيرة اليقطين (Pumpkin Pie). هذه الوجبة ليست مجرد طعام، بل هي رمز للتجمع العائلي وتبادل القصص والتعبير عن الشكر.
2. موكب ميسي (Macy’s Thanksgiving Day Parade)
يعد موكب ميسي السنوي في نيويورك أحد أشهر تقاليد عيد الشكر. وهو موكب ضخم يضم بالونات عملاقة لشخصيات كرتونية، وعروضاً موسيقية، وفرقاً استعراضية، ويتابعه الملايين حول العالم.
3. العفو الرئاسي عن الديك الرومي
من الطقوس الغريبة والمحببة هو “العفو الرئاسي” (Presidential Pardon) عن ديك رومي واحد أو اثنين، حيث يتم إنقاذهما من الذبح وإرسالهما ليعيشا في مزرعة. هذا التقليد يضيف لمسة من الفكاهة والرمزية إلى المناسبة.
4. كرة القدم الأمريكية (Football)
مشاهدة مباريات كرة القدم الأمريكية هي جزء لا يتجزأ من يوم العطلة، حيث تقام مباريات تقليدية في هذا اليوم، مما يجمع العائلات والأصدقاء حول شاشة التلفزيون.
الامتنان كفلسفة حياة: دروس من عيد الشكر لمجتمعنا
بصرف النظر عن الاحتفال الغربي، فإن القيمة الأساسية لعيد الشكر هي الامتنان، وهي قيمة عالمية وأساسية في ثقافتنا العربية والإسلامية. إن التركيز على الامتنان له فوائد نفسية واجتماعية هائلة:
| الفائدة النفسية | الأثر الاجتماعي |
| زيادة السعادة والرضا | تقوية الروابط العائلية والاجتماعية. |
| تقليل التوتر والقلق | تعزيز ثقافة التقدير والشكر بين الأفراد. |
| تحسين الصحة الجسدية | زيادة التعاطف والمساعدة المتبادلة. |
| تعزيز المرونة النفسية | بناء مجتمع أكثر تماسكاً وإيجابية. |
إن ممارسة الامتنان لا تتطلب وليمة ضخمة أو موكباً، بل تتطلب وقفة صادقة مع النفس. يمكننا في عيد الشكر 2025 أن نتبنى هذه الروح من خلال:
- تخصيص وقت للتعبير عن الشكر: كتابة رسائل شكر للأشخاص الذين أثروا في حياتنا.
- مشاركة النعم: التبرع أو التطوع لمساعدة المحتاجين، تذكيراً بأن الشكر الحقيقي هو شكر بالعمل.
- إنشاء “جرة الامتنان”: تقليد عائلي يتم فيه كتابة النعم اليومية ووضعها في جرة، وقراءتها في نهاية العام.
دعوة لتبني ثقافة الشكر الدائمة
سواء كنت تحتفل بعيد الشكر كجزء من تقاليدك، أو كنت تراه مناسبة للتأمل في مفهوم الامتنان، فإن عيد الشكر 2025 يمثل فرصة لتجديد العهد مع قيمة الشكر. إنها دعوة للتوقف عن التركيز على ما ينقصنا، والبدء في تقدير ما نملكه بالفعل.
فلنجعل من 27 نوفمبر 2025 نقطة انطلاق لثقافة شكر دائمة، تعود بالنفع على صحتنا النفسية، وتقوي نسيج مجتمعاتنا.