القدس المحتلة – اتخذ سلاح الجو الإسرائيلي قراراً بإنشاء مركز قيادة جوي متقدم ضمن نطاق اللواء 80، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز قدرات المراقبة الجوية على الحدود الجنوبية مع شبه جزيرة سيناء.
يأتي هذا الإجراء في سياق تصاعد ملحوظ في استخدام وسائل التهريب الجوية، لا سيما الطائرات المسيرة، لنقل مواد ممنوعة إلى داخل الأراضي الإسرائيلية.
ويُعد اللواء 80، المعروف باسم “لواء إدوم“، الوحدة المسؤولة عن تأمين الحدود الجنوبية لإسرائيل، بما في ذلك الحدود مع مصر والأردن. وسيعمل المركز الجديد، المزود بتقنيات متطورة، على توفير صورة جوية شاملة ومحدثة بشكل مستمر للمنطقة الحدودية، مما يسمح بالرصد الفوري والتعامل السريع مع محاولات التسلل والتهريب الجوي.
خلفية القرار: تصاعد عمليات التهريب عبر الحدود المصرية بالمسيرات
جاء قرار إنشاء المركز عقب اجتماع طارئ عقده قائد سلاح الجو مع مسؤولين أمنيين مختصين. وقد ناقش الاجتماع التحديات الأمنية المتنامية التي تفرضها شبكات التهريب، والتي باتت تستغل التطور التكنولوجي في الطائرات المسيرة لتنفيذ عملياتها.
وتشير التقارير الأمنية إلى تزايد استخدام الطائرات المسيرة الصغيرة لتهريب مجموعة متنوعة من المواد. وتشمل هذه المواد في المقام الأول المخدرات، مثل الحشيش والكبتاغون، التي تدر أرباحاً طائلة على الشبكات الإجرامية.
إلا أن القلق الأكبر ينبع من تهريب الأسلحة، وأحياناً معدات تجسس حساسة، التي قد تصل إلى أيدي تنظيمات متطرفة أو خلايا إجرامية تنشط في مناطق معينة من سيناء.
وقد أظهرت حوادث سابقة أن هذه الطائرات المسيرة، التي يسهل إخفاؤها وتشغيلها، تشكل تحديًا جديدًا لأنظمة المراقبة التقليدية.
ففي الأشهر الأخيرة، اعترض الجيش الإسرائيلي عددًا من هذه المسيرات، ما كشف عن حجم الظاهرة وضرورة إيجاد حلول تكنولوجية وعملياتية أكثر فعالية.
التهريب عبر الحدود المصرية: تحدٍ أمني وجنائي مزدوج
لا تقتصر خطورة التهريب عبر الحدود على الجانب الجنائي فحسب، بل تمتد لتشمل تهديدات أمنية مباشرة. فوصول الأسلحة إلى داخل إسرائيل، خاصة في المناطق الجنوبية، يمثل خرقًا أمنيًا خطيرًا يمكن أن يستغل في عمليات عدائية. كما أن الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات تمول في كثير من الأحيان أنشطة تنظيمات إرهابية أو إجرامية منظمة، مما يخلق حلقة مفرغة من التهديدات.
ويعتقد المحللون الأمنيون أن الشبكات التي تقف وراء هذه العمليات تستفيد من الطبيعة الجغرافية الوعرة لشبه جزيرة سيناء، ومن حالة عدم الاستقرار في بعض مناطقها، لتنفيذ عملياتها بعيدًا عن أعين السلطات.
المركز الجديد: تكامل القدرات الجوية والأرضية
يهدف مركز القيادة الجوي الجديد إلى تحقيق تكامل أكبر بين القدرات الجوية لسلاح الجو والوحدات الأرضية التابعة للواء 80. ومن المتوقع أن يساهم المركز في:
1.تحسين الوعي الظرفي:
توفير بيانات استخباراتية دقيقة وفي الوقت الحقيقي حول حركة المسيرات والأفراد المشتبه بهم على طول الشريط الحدودي.
2.تسريع الاستجابة:
تقليص الفترة الزمنية بين اكتشاف محاولة التهريب والتعامل معها، سواء عبر إرسال طائرات اعتراضية صغيرة أو توجيه القوات البرية.
3.تطوير التكتيكات:
تحليل أنماط التهريب المتغيرة وتطوير تكتيكات جديدة لمواجهة التهديدات الجوية غير التقليدية.
إن إنشاء هذا المركز يعكس اعترافاً إسرائيلياً بتغير طبيعة التحديات الأمنية على الحدود الجنوبية، وتحولها من عمليات تسلل برية تقليدية إلى تهديدات جوية صغيرة وسريعة. ومن شأن هذه الخطوة أن ترفع من مستوى التأهب والردع في المنطقة، وتؤكد على الأهمية الاستراتيجية للرقابة الجوية في تأمين الحدود.